فصل: تفسير الآية رقم (1):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (9):

{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)}
{يَنْهَاكُمُ} {قَاتَلُوكُمْ} {دِيَارِكُمْ} {ظَاهَرُواْ} {فأولئك} {الظالمون}
(9)- إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ مُوَالاةِ الكُفَّارِ الذِينَ نَاصَبُوكُمُ العِدَاءَ فِي الدِّينِ فَقَاتَلُوكُمْ، وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ وَدِيَارِكُمْ، وَأَعَانُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ، فَهَؤُلاءِ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنْ مُوَالاتِهِمْ، وَعَنْ اتَّخَاذِهِمْ أَنْصَاراً، وَيَأْمُرُكُمْ بِمُعَادَاتِهِمْ.
وَيُؤَكِّدُ اللهُ تَعَالَى الوَعِيدَ عَلَى مُوَالاتِهِمْ فِيُبَيِّنُ: أَنَّ الذِينَ يَتَوَلَّوْنَ هَؤُلاءِ الكُفَّارَ المُؤْذِينَ هُمُ الظَّالِمُونَ لأَنَّهُمْ خَالُفوا أَمْرَ اللهِ فَوَالَوْا أَعْدَاءَهُ وَأَعْدَاءَهُمْ.
ظَاهَرُوا- عَاوَنُوا.
أَنْ تَوَلَّوْهُمْ- أَنْ تَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ.

.تفسير الآية رقم (10):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)}
{ياأيها} {آمَنُواْ} {المؤمنات} {مُهَاجِرَاتٍ} {بِإِيمَانِهِنَّ} {وَآتُوهُم} {وَاسْأَلُواْ} {وَلْيَسْأَلُواْ}
(10)- كَانَ مِنْ شُرُوطِ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ بَيْنَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَقُرَيشٍ أَنَّ الرَّسُولَ لا يَأْتِيهِ أَحَدٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلا رَدَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِماً عَلَى دِينِ الإِسْلامِ. وَخِلالَ فَتْرَةِ الصُّلْحِ جَاءَتِ الرَّسُولَ فِي المَدْينَةِ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعيطٍ مُسْلِمَةً فَجَاءَ أَخَوَاهَا إِلَى الرَّسُولِ يَسْأَلانِهِ رَدَّهَا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ، يَنْقُضُ بِهَا عَهْدَ الحُدَيْبِيَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّسَاءِ خَاصَّةً، فَمَنَعَ اللهُ المُؤْمِنينَ مِنْ أَنْ يَرُدُّوا المُؤْمِنَاتِ المُهَاجِرَاتِ إِلَى المُشْرِكِينَ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَةَ الامْتِحَانِ.
وَيُبَيِّنُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنينَ أَنَّهُ إِذَا جَاءَكُمْ، يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ، النِّسَاءُ مُؤْمِنَاتٍ مُهَاجِرَاتٍ مِنْ بَيْنِ الكُفَّارِ، فاخْتَبِرُوا حَالَهُنَّ، لِتَعْلَمُوا صِدْقَ إِيمَانِهِنَّ، لأنَّ الكُفَّارَ لا يَحِلُّونَ لِلْمُؤْمِنَاتِ، وَالمُؤْمِنَاتُ لا يَحْلِلْنَ لِلكُفَّارِ.
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِلْمُهَاجِرَاتِ: «بِاللهِ الذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ مَا خَرَجْتُ مِنْ بُغْضِ زَوْجٍ، بِاللهِ مَا خَرَجْتُ رَغْبَةً بِأَرْضٍ عَنْ أَرْضٍ، بِاللهِ مَا خَرَجْتُ التِمَاساً لِدُنْيَا، بِاللهِ مَا خَرَجْتُ إِلا حُبّاً بِاللهِ وَرَسُولِهِ».
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِ المُهَاجِرَاتِ مِنْكُمْ يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ. ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى الحُكْمَ فِي هَذِهِ الحَالَةِ:
فَقَالَ: أَعطُوا أَزْوَاجَ المُؤْمِنَاتِ المُهَاجِرَاتِ مِنَ الكُفَّارِ مِثْلَ مَا دَفَعُوا مِنَ المُهُورِ، وَلا إِثْمَ عَلَى الرِّجَالِ المُؤْمِنينَ فِي أَنْ يَنْكِحُوا هَؤُلاءِ المُهَاجِرَاتِ، بِشَرْطِ أَنْ يَتَعَهَّدُوا بِأَنْ يُؤَدُّوا إِليهِنَّ مُهُورَهُنَّ، وَلا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنينَ أَنْ يَتَزَوَّجُوا المُشْرِكَاتِ، وَلا أَنْ يَتَمَسَّكُوا بِعَقْدِ زَوْجِيَّةِ الكَافِرَاتِ البَاقِيَاتِ فِي دَارِ الشِّرْكِ، وَإِذَا لَحِقَتْ امْرَأَةٌ كَافِرَةٌ هِيَ زَوْجَةٌ لِمُسْلِمٍ بِالكُفَّارِ- بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ- فَلِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْأَلُوا الكُفَّارَ مَهْرَهَا الذِي دَفَعَةُ زَوْجُهَا المُسْلِمُ، وَلْيَسْأَلْكُمُ الكُفَّارُ دَفْعَ مُهُورِ نِسَائِهِمْ المُؤْمِنَاتِ المُهَاجِرَاتِ.
وَذَلِكَ الذِي ذُكِرَ هُوَ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فَاتَّبِعُوهُ، وَاللهُ عَلِيمٌ فَلا يَشْرَعُ إِلا مَا فِيهِ الحِكْمَةُ.
فامْتَحِنُوهُنَّ- فَاخْتَبُروهُنَّ- وَكَانَ النَّبِيُّ يَخْتَبِرُهُنَّ بِالتَّحْلِيفِ.
أُجُورَهُنَّ- مُهُورَهُنَّ.
بِعِصَمِ الكَوَافِرِ- بِعُقُودِ نِكَاحِ المُشْرِكَاتِ.

.تفسير الآية رقم (11):

{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)}
{أَزْوَاجِكُمْ} {فَآتُواْ} {أَزْوَاجُهُمْ}
(11)- وَإِذَا ذَهَبَتْ زَوْجَاتُكُمْ الكَافِرَاتُ إِلَى المُشْرِكِينَ، وَلَمْ يَدْفَعُوا إِليكُمْ المهُورَ التِي سَبَقَ أَنْ دَفَعْتُمُوهَا لَهُنَّ، ثُمَّ ظَفِرْتُمْ بِالمُشْرِكِينَ، وَانْتَصَرْتُمْ عَلَيهِمْ، فَأَعْطُوا الذِينَ ذَهَبَتْ زَوْجَاتُهُمْ المُشْرِكَاتُ مِنَ الغَنِيمَةِ مِثْلَ مَا دَفَعُوا إِليهِنَّ مِنْ صِدَاقٍ، وَخَافُوا اللهَ الذِي تُؤْمِنُونَ بِهِ، فَأَدُّوا فَرَائِضَهُ، وَالتَزِمُوا بِأَوَامِرِهِ.
(وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: إِذَا فَرَّتْ مُشْرِكَةٌ هِيَ زَوْجَةٌ لِمُسْلِمٍ إِلَى الكُفَّارِ الذِينَ لَيْسَ لَهُمْ عَهْدٌ، وَلَمْ يَدْفَعُوا إِلَى زَوْجِهَا شَيئاً، فَإِذَا جَاءَتْ مِنْهُمُ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةً فَلا يُدْفَعُ إِلَى زَوْجِهَا شَيءٌ حَتَّى يَدْفَعُوا إِلَى المُسْلِمِ زَوْجِ الذَّاهِبَةِ إِليْهِمْ مِثْلَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُؤَدّى إِليْهِمْ مِنَ الغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ تُخَمَّسَ).

.تفسير الآية رقم (12):

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)}
{ياأيها} {المؤمنات} {أَوْلادَهُنَّ} {ببهتان}
(12)- يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ النِّسَاءُ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيئاً، مِنْ صَنَمٍ أَوْ حَجَرٍ، وَلا يَسْرِقْنَ مِنْ مَالِ النَّاسِ شَيئاً، وَلا يَزْنِينَ، وَلا يَئِدْنَ بَنَاتِهِنَّ، كَمَا يَفْعَلْنَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَلا يُلْصِقْنَ أولادَ الأَجَانِب بأزواجهِنَّ (بِبُهْتَانِ يَفْتَرِينَه) وَيدَّعِين بأَنَّهُنَّ حَمَلْنَ بِهِمُ في بُطونِهِنّ (بين أيديهن) وولدَنهم من أرحَامهن (بين أرجُلِهِنَّ) وَلا يُخَالِفْنَكَ فِيَما أمَرْتَهُنَّ به، أو فِيمَا تَنْهَاهُنَّ عَنْهُ مِنْ مَعْرُوفٍ، كَالامْتِنَاعِ عَنِ النَّوْحِ وَشَقِّ الجُيُوبِ، وَعَلَى أَلا تَخْلُو المَرأَةُ بِغَيْرِ ذِي رَحِمٍ مُحْرَمٍ، فَبَايِعْهُنَّ عَلَى ذَلِكَ، وَالتَزِمْ لَهُنَّ بِالوَفَاءِ بِالثَّوَابِ إِنْ هُنَّ وَفَيْنَ فِيمَا بَايَعْنَكَ عَلَيهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ عَمَّا سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِنَّ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
بِبُهْتَانٍ- بِإِلْصَاقِ اللُقَطَاءِ بِالأَزْوَاجِ.

.تفسير الآية رقم (13):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}
{ياأيها} {آمَنُواْ} {يَئِسُواْ} {أَصْحَابِ} {يَئِسَ}
(13)- وَبَعْدَ أَنْ نَهَى اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ عَنْ مُوَادَّةِ المُشْرِكِينَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، عَادَ تَعَالَى فَكَرَّرَ هَذَا النَّهْيَ فِي آخِرِهَا فَقَالَ: يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لا تُوَالُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالمُشْرِكِينَ مِمَّنْ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَاسْتَحَقُّوا الطَّرْدَ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلا تَتَّخِذُوهُمْ أَصْدِقَاءَ لَكُمْ تُسِرُّونَ إِليْهِمْ بِمَا يَضُرُّ الإِسْلامَ وَالمُسْلِمِينَ، وَهَؤُلاءِ الكُفَّارُ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الخَيْرِ والنَّجَاةِ فِي الآخِرَةِ لِعِنَادِهِمْ، وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى الكُفْرِ، وَتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَ اللهِ.. كَمَا يَئِسَ الكُفَّارُ مِنْ بَعْثِ مَوْتَاهُمْ، لأَنَّهُمْ لا يَعْتَقِدُونَ بِبَعْثِ وَلا حَشْرٍ وَلا حِسَابٍ.
لا تَتَوَلَّوْا- لا تَتَّخِذُوا أَوْلِيَاءَ.
قَوْماً- هُمُ الَيُهودُ أَوِ الكُفَّارُ عَامَّةً.

.سورة الصف:

.تفسير الآية رقم (1):

{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)}
{السماوات}
(1)- نَزَّهَ اللهَ تَعَالَى عَمَّا لا يَلِيقُ بِهِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالرّبُوبِيَّةِ وَالوَحْدَانِيَّةِ وَالقُدْرَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ صِفَاتِ الكَمَالِ، جَمِيعُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنَ المَخْلُوقَاتِ، وَهُوَ تَعَالَى القَوِيُّ الذِي لا يُغَالَبُ، الحَكِيمُ فِي شَرْعِهِ وَخَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَتَدْبِيرِهِ.
سَبَّحَ- نَزَّهَ وَمَجَّدَ وَدَلَّ عَلَيهِ تَعَالَى.

.تفسير الآية رقم (2):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)}
{ياأيها} {آمَنُواْ}
(2)- يُنْكِرُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَن يَعِدُ وَعْداً، أَوْ يَقُولُ قَوْلاً لا يَفِي بِهِ، فَيَقُولُ تَعَالَى: لأَيِّ شَيءٍ تَقُولُونَ لَوَدِدْنَا أَنْ نَفْعَلَ كََذَا وَكَذَا مِنْ أَفْعَالِ الخَيْرِ، حَتَّى إِذَا طُلِبَ مِنْكُمْ فِعْلُ ذَلِكَ كَرِهْتُمْ ذَلِكَ وَلَمْ تَفْعَلُوهُ؟..
وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا ائْتمنَ خَانَ».
(وَرُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزََلَتْ حِينَمَا تَمَنَّى المُؤُمِنُونَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيهِم الجِهَادُ، فَلَمَّا فَرَضَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ).

.تفسير الآية رقم (3):

{كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)}
(3)- وَأَكَّدَ اللهُ تَعَالَى إِنْكَارَهُ هَذَا عَلَى هَؤُلاءِ القَائِلِينَ مَا لا يَفْعَلُونَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ يَكْرَهُ كُرْهاً شَدِيداً أَنْ تَقُولُوا شَيئاً لا تَفْعَلُونَهُ لأَنَّ الوََفَاءَ بِالعَهْدِ وَالوَعْدِ يُنَمِّي الثِّقَةَ بَينَ أَفْرَادِ الجِمَاعَةِ، كَمَا أَنَّ فُشُوَّ الخُلْفِ بِالوَعْدِ يُضْعِفُهَا.
كَبُرَ مَقْتاً- عَظُمَ بُغْضاً بَالِغَ الغَايَةِ.

.تفسير الآية رقم (4):

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}
{يُقَاتِلُونَ} {بُنْيَانٌ}
(4)- قَالَ المُؤْمِنُونَ لَوْ نَعْلَمُ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ لَعَمِلْنَاهُ، فَدَلَّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ إِلَى أَحَبِّ الأَعْمَالِ إِليهِ، فَبَيَنَّ لَهُمْ: أَنَّهُ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ إِعْلاءِ كَلِمَتِهِ أَنْ يَقِفُوا أَثْنَاءَ القِتَالِ صَفّاً، لا فُرْجَةَ بَيْنَهُمْ، وَكَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَشْدُودٌ مَرْصُوصٌ، مُتَلاحِمُ الأَجْزَاءِ، لأَنَّ هَذَا التَّرَاصَّ أَثْنَاءَ القِتَالِ يُقَوِّي مَعْنَوِيّاتِ الجُنْدِ، وَلا يَتْرُكُ لِلْعَدُوِّ فُرْجَةً بَيْنَ صُفُوفِهِمْ يَنْفُذُ مِنْهَا.
صَفّاً- صَافِّينَ أَنْفُسَهُمْ أَوْ مَصْفُوفِينَ.
بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ- مُتَلاحِمٌ مُحْكَمٌ لا فُرْجَةَ فِيه.

.تفسير الآية رقم (5):

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5)}
{ياقوم} {الفاسقين}
(5)- وَيُسَلِّي اللهُ تَعَالَى عَبْدَهُ مُحَمَّداً عَمَّا يُلاقِيهِ مِنْ تَكذِيبِ قَوْمِهِ وَإِيذَائِهِمْ، فَذَكَّرَهُ رَبُّهُ بِمَا لاقَاهُ مُوسَى، عَلَيهِ السَّلامُ، مِنْ قَوْمِهِ، إِذْ قَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا تُؤْذُونَنِي وَتُخَالِفُونَ أَمْرِي، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ صِدْقِي، فِيمَا جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ رِسَالَةِ رَبِّي، فَلَمَّا عَدَلُوا عَنِ اتِّبَاعِ الحَقِّ مَعَ عِلْمِهِمْ بِهِ، وَأَصَرُّوا عَلَى ذَلِكَ، صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ عَنِ الهُدَى، وَاللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ الخَارِجِينَ عَنْ طَاعَتِهِ.
زَاغُوا- تَنَكَّبُوا طَرِيقَ الحَقِّ عَمْداً.
أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ- صَرَفَهُمْ عَنِ التَّوفِيقِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ.

.تفسير الآية رقم (6):

{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)}
{يابني} {إِسْرَائِيلَ} {التوراة} {بالبينات}
(6)- وَاذْكُرْ لِقَوْمِكَ إِذْ قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ إِليْهِمْ، وَإِنَّهُ مُصَدِّقٌ بِالتَّوْرَاةِ وَبِكُتُبِ اللهِ وَأَنْبِيَائِهِ جَمِيعاً، وَإِنَّهُ جَاءَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي بَعْدهُ اسْمُهُ أَحْمَدُ، وَدَاعِياً إِلَى التَّصْدِيقِ بِهَذَا الرَّسُولِ. فَلَمَّا جَاءَهُمْ أَحْمَدُ المُبَشَّرُ بِهِ بِالأَدْلةِ الوَاضِحَةِ، وَالمُعْجِزَاتِ البَاهِرَةِ كَذَّبُوهُ، وَقَالُوا عَمَّا جَاءَهُمْ: إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ وَاضِحٌ بَيِّنٌ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنَ السَّفْرِ الخَامِسِ مِنَ التَّورَاةِ البِشَارَةُ بِمُحَمَّدٍ عَلَيهِ السَّلامُ عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي: (يَا مُوسَى إِنِّي سَأُقِيمُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ نَبِيّا مِنَ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ أَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ، وَيَقُولُ لَهُمْ مَا آمُرُهُ بِهِ، وَالذِي لا يَقْبَلُ ذَلِكَ النَّبِيَّ الذِي يَتَكَلَّمُ بِاسْمِي، أَنَا أَنْتَقِمُ مِنْهُ وَمِنْ سِبْطِهِ).
وَجَاءَ فِي الإِصْحَاحِ 21 مِنْ سِفَرِ أَشْعِيا بِشَارَةٌ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي:
(وَحْيٌ مِنْ جِهَةَ بِلادِ العَرَبِ: فِي الوَعْرِ مِنْ بِلادِ العَرَبِ تَبَيتينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. هَاتُوا مَاءً لِمُلاقَاةِ العَطْشَانِ يَا سَكَّانَ أَرْضِ تِيمَاءَ وَافُوا الهَارِبَ بِخُبْزِهِ. فإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا، مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ المَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ القَوْسِ المَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الحَرْبِ. فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارٍ وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارٍ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ).
وَهَذِهِ النُّبُوءَةُ إِشَارَةٌ وَاضِحَةٌ إِلَى هِجْرَةِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى يَثْرِبَ، بَعْدَ أَنْ تَزَايَدَ إِيذَاءُ قُرَيشٍ لَهُ وَلِلمُسْلِمِينَ. ثُمَّ إِنَّهَا إِشَارَةٌ إِلَى نَصْرِ رَسُولِ اللهِ وَأَصْحَابِهِ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فِي مَعْرَكَةِ بَدْرٍ عَلَى قُرَيشٍ أَحْفَادِ عَدْنَانَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ (وَعَدْنَانُ هُوَ قِيدَارُ) وَتَحْطِيمِ جَبُرُوتِ قُرَيشٍ وَسُلْطَانِهَا بِقْتَلِ كُبَرَائِهَا، وَأَسْرِ أَعْدَادٍ مِنْهُمْ، وَقَدْ جَرَتْ مَعْرَكَةُ بَدْرٍ بَعْدَ عَامٍ مِنْ هِجْرَةِ رَسُولِ اللهِ إِلَى يَثْرِبَ.
وَجَاءَتِ البِشَارَةُ بِمُحَمَّدٍ فِي الإِنْجِيلِ عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي:
(قَالَ يَسُوعُ: إِنَّ الفَارْقَليط رُوحَ الحَقِّ الذِي يُرْسِلُهُ أَبِي يَعْلِّمُكُمْ كُلَّ شَيءٍ) (إِنْجِيلُ يُوحَنَّا- الفَصْلُ 15- وَالفَارْقَلِيط لَفْظٌ يَعْنِي الحَمْدَ، وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالحَامِدِ وَالحَمَّادِ).